ركود اقتصادى فى انتظار الولايات المتحدة 2023
يشير التقرير الأخير، الذى أجرته صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية إلى تصاعد الرياح المعاكسة بالنسبة لأكبر اقتصاد فى العالم فى أعقاب التمتع بواحدة من أسرع عمليات التعافى فى التاريخ، إذ يكثف بنك الاحتياطى الفيدرالى جهوده للسيطرة على معدل التضخم الذى بلغ أعلى مستوياته منذ 40 عاماً تقريباً.
وشرع الاحتياطى الفيدرالى بالفعل، فيما سيكون من أسرع دورات التشديد منذ عقود، إذ رفع سعر الفائدة المعيارى بنسبة %0.75 منذ مارس بعد أن كان عند مستويات قريبة من الصفر.
تجتمع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوح مرة أخرى، الثلاثاء، فى اجتماع للسياسة لمدة يومين، ويتوقع أن ينفذ المسئولون أول زيادة متتالية فى سعر الفائدة بمقدار %0.5 منذ عام 1994، مع إعطاء إشارة باستمرار هذه الوتيرة حتى سبتمبر على الأقل.
ويتوقع نحو %40 من المشاركين البالغ عددهم 49 مشاركا، أن المكتب الوطنى للبحوث الاقتصادية- وهو الحكم الذى يحدد وقت بدء فترات الركود وانتهائها- سيعلن إحداها فى الربع الأول أو الثانى من عام 2023، بينما يعتقد ثلثهم أن الإعلان سيتأخر حتى النصف الثانى من العام المقبل.
يصف المكتب الوطنى للبحوث الاقتصادية الركود بأنه «انخفاض كبير فى النشاط الاقتصادى ينتشر فى جميع أنحاء الاقتصاد ويستمر أكثر من بضعة أشهر».
توقع اقتصادى واحد فقط بشكل مبدئى حدوث ركود عام 2022، مع توقع الأغلبية نمواً شهرياً للوظائف بمتوسط يتراوح بين 200 ألف و 300 ألف للفترة المتبقية من العام، إذ يشير متوسط التقديرات لشهر ديسمبر إلى إمكانية استقرار معدل البطالة عند %3.7.
وتتعارض نتائج المسح، التى جُمعت من 6 يونيو إلى 9 يونيو، مع موقف الاحتياطى الفيدرالى بإمكانية تثبيط الطلب دون التسبب فى معاناة اقتصادية كبيرة.
يتوقع «الاحتياطى الفيدرالى»، أنه فى الوقت الذى يرفع فيه أسعار الفائدة، سيختار أرباب العمل فى سوق العمل الأمريكية الملتهبة تقليص فرص العمل الجديدة التى وصلت لمستويات تاريخية مرتفعة بدلاً من تسريح العمالة، ما يؤدى بدوره إلى خفض نمو الأجور.
أقر جاى باول، رئيس بنك الاحتياطى الفيدرالى، بأن جهود الفيدرالى لتعديل التضخم قد تسبب «بعض الألم»، مما يؤدى إلى هبوط «سلس» يشهد ارتفاع معدل البطالة «ببضع علامات».
مع ذلك، يشعر العديد من الاقتصاديين الذين شملهم المسح، بالقلق بشأن حدوث عواقب أكثر سلبية نظراً لخطورة التضخم وحقيقة أن السياسة النقدية ستحتاج إلى التحول نحو أوضاع أكثر تشدداً فى وقت قصير للتصدى لها.
قالت الاقتصادية بجامعة جورج واشنطن، تارا سينكلير، إن هذا لا يعنى هبوط طائرة على مدرج هبوط عادى، بل هبوط طائرة على حبل مشدود والرياح تعصف بها من كل مكان.
وأوضحت سينكلير، أن «فكرة أننا سنعمل على خفض الدخل بما يكفى وإنفاق ما يكفى فقط لإعادة التضخم إلى هدف الاحتياطى الفيدرالى البالغ %2 هى فكرة غير واقعية».
بالمقارنة مع مسح آخر أجرى فبراير، يرى مزيد من الاقتصاديين، الآن، أن معدل التضخم الأساسى، وفقاً لمؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصى، سيتجاوز %3 بحلول نهاية عام 2023.
من بين المشاركين فى مسح يونيو، اعتقد %12 أن النتيجة كانت «مرجحة للغاية»، بارتفاع من %4 فقط فى بداية العام الحالى، بينما تراجع نسبة الاقتصاديين الذين شملهم المسح والذين اعتقدوا أن هذا المستوى «غير مرجح» خلال نفس الفترة الزمنية إلى النصف تقريباً منذ ذلك الحين.
ذكرت الصحيفة أن التوترات الجيوسياسية وارتفاع تكاليف الطاقة التى ستصاحب ذلك على الأرجح، استُشهد بها بأغلبية ساحقة، باعتبارها عامل يحتمل أن يحافظ على الضغط التصاعدى على التضخم خلال الـ 12 شهراً المقبلة، تليها اضطرابات طويلة فى سلسلة الإمداد، وبالتالى بلغ متوسط تقدير التضخم الأساسى %4.3 بحلول نهاية العام.
قال جوناثان رايت، الاقتصادى بجامعة جونز هوبكنز الذى ساعد فى وضع المسح، إن التشاؤم الملحوظ حول التضخم والنمو الاقتصادى له صبغة تضخمية مصحوبة بركود تضخمى، رغم أنه أشار إلى أن الظروف مختلفة كثيراً عن السبعينيات، عندما كان المصطلح يجسد «مزيجاً سيئاً من ارتفاع معدلات التضخم والركود».
وحذر %40 تقريباً من الاقتصاديين من أن «الاحتياطى الفيدرالى» قد يفشل فى السيطرة على التضخم إذا رفع سعر الفائدة على التمويل الفيدرالى فقط إلى %2.8 بحلول نهاية العام، وهذا سيتطلب ارتفاعاً فى معدل الفائدة بمقدار %0.5 فى كل اجتماع من الاجتماعات الثلاثة المقبلة للفيدرالى فى يونيو ويوليو وسبتمبر قبل خفض الزيادة إلى %0.25 خلال الاجتماعين الأخيرين فى عام 2022.